> قصّة أسطورة <
يحكى أنّ شاباً اسمه "نارسيس"؛ كان يرى دائماً انعكاس صورة وجهه
على الماء .. ويتأمّل جماله الذي أُعجِب به ـ وظنّ أنها امرأة
فاتنة ..
حتى أحبّها كثيراً وحاول يوماً أن يمسّها بيده .. فتعكّرت صفحة
الماء وذهبت صورته؛
فحزن كثيراً ومات ..
ثم تلاشى ونبتت مكانه زهرة النرجس.!!
ومن هنا ظهرت تسمية "النرجسيّة"؛ دلالة على حُب الذات والإعجاب
بها !
اعتاد شاب جميل الوجه والمظهر اسمه نرجس أن يذهب كل يوم لينظر
ويتمتع بحسن صورته على صفحة مياه البحيرة. وكان يستغرق في تأمل
صورته بافتتان إلي درجة أن سقط ذات يوم في البحيرة و.. غرق!
وفي المكان الذي سقط فيه ذلك الشاب نبتت زهرة نعرفها نحن باسم
"النرجس"..
وعندما مات الشاب جاءت حوريات الغابات إلي ضفاف تلك البحيرة
العذبة المياه فوجدتها قد تحولت إلي مستودع لدموع مالحة..
فسألت الحوريات هذه البحيرة: لِمَِ تبكين؟!
فردت البحيرة: أبكي على نرجس.
عندئذ قالت الحوريات للبحيرة: لا غرابة فنحن أيضاً كنا نتملى من
جمال هذا الشاب في الغابة.. فأنت لم تكوني الوحيدة التي تتمتع
بجماله عن قرب.
فسألتهن البحيرة: هل كان نرجس جميلاً؟!
فردت الحوريات في دهشة: من المفترض أنكِ تعرفين جمال نرجس أكثر
منا، فقد كان ينظر إليكِ ليتمتع هو بجماله يومياً.
فسكتت البحيرة لفترة ثم قالت: إني أبكي على نرجس، غير أني لم
أنتبه قط إلي أنه كان جميلاً. أنا أبكي على نرجس لأنه في كل مرة
تقولون أنتم أنه كان ينحني فوق ضفتي ليتمتع هو بجماله، كنت أرى
أنا في عينيه طيف جمالي *
كانت الثمار الحمراء لشجرة التوت بيضاء كالثلج. وقصة تغير لونها
قصة غريبة ومحزنة، ذلك أن موت عاشقين شابين كان وراء ذلك. فقد
أحب الشاب بيراموس العذراء الصغيرة ثيسبي وتاق الاثنان إلى
الزواج. ولكن الأهل أبوا عليهما ذلك ومنعوهما من اللقاء، فاكتفى
العاشقان بتبادل الهمسات ليلاً عبر شق في الجدار الفاصل بين
منزليهما. حتى جاء يوم برح بهما فيه الشوق واتفقا على اللقاء
ليلاً قرب مقام مقدس لأفروديت خارج المدينة تحت شجرة توت وارفة
تنوء بثمارها البيضاء. وصلت الفتاة أولاً ولبثت تنتظر مجيء
حبيبها. وفي هذه الأثناء خرجت لبوة من الدغل القريب والدم يضرج
فكَّيها بعد أن أكلت فريستها، فهربت ثيسبي تاركة عباءتها التي
انقضت عليها اللبوة ومزقتها إرباً ثم ولَّت تاركة عليها آثار
الدماء. حضر بيراموس ورأى عباءة ثيسبي فاعتقد بأن الوحش قد افترس
حبيبته، فما كان منه إلا أن جلس تحت شجرة التوت وأغمد سيفه في
جنبه، وسال دمه على حبيبات التوت ولوَّنها بالأحمر القاني. بعد
أن اطمأنت ثيسبي لانصراف اللبوة، عادت إلى المكان لتجد حبيبها
يلفظ اسمها قبل أن يموت وعرفت ما حدث، فالتقطت سيفه وأغمدته في
قلبها وسقطت إلى جانبه. وبقيت ثمار التوت الحمراء ذكرى أبدية
لهذين العاشقين.