أتى العصفور منشدا معزوفة الصباح, كنت جالسا على الحافة أتطلع إلى الزهور الربيعية الفاتنة حولي , أتأمل في حركاتها وهي تداعب تيارات الهواء , نسيم يمسح غبار الأحزان عن صفحات القلوب...
تأملت رشاقته وهو يشدوا ألحانه الجميلة... أشعة الشمس إخترقت الجدران ورسمت أشكال على التربة المخصبة...
أيقنت أن العصفور أراد مكالمتي, ابتسمت لذلك وأخذت أنظر إليه معترفا بذكائه, أما هو فبدى سعيدا وهو يحرك جناحيه, أدخلت زيارته الخفيفة سربا من حمام الأمل إلى سماء أحلامي فبدد ضباب الأوهام التي عشتها ليلة كاملة أتخبط في سراب حب كبل قلبي أنسجته...
- كن حرا .
- نعم, أجبته في نفسي المندهشة.
- كن حراََ وأطلق العنان لجناحيك وحلق في الفضاء مستمتعا بجمال الطبيعة حولك...
قاطعته: - كيف لمن كسر جناحه سهم الخيانة من أية محاولة للتحليق ؟
أجاب في غضب : - كسر كل أبواب الصمت بداخلك وأعلن النصر على حبك الخادع , أحمل حقائبك, أوراقك,قلمك الخشبي, ولا تنسى فنجان القهوة ورغيف أمك وغادِر .
طأطأت رأسي إلى الأرض مشبكا بين أناملي أسترجع فيلمي الأخير كل حواراته, تمنيت أن أحرق كل أسطواناته...
رفعت رأسي لأشكر العصفور وأدعوه إلى كأس شاي مع حبات الذرى, لكنه كان قد رحل كما أتى... منشدا معزوفة الصباح...