أساطير العالم..لوحات على أجساد الشباب
يعبرون عن ذاتهم بما يطيب لهم من رسومات قد لا
يُفهم معناها، لكنها تعبر عنهم بطريقة ما، وها هي سارة تتخذ من كتفها
مسرحا للأساطير، وأيقونتها "حصان طروادة" المرسوم على كتفها الأيسر وأسفل
ظهرها وفي قدمها اليسرى أيضا.
سارة تبلغ من العمر 23 عاما، لأسرة تصف أوضاعها المادية بالجيدة جدا، حيث
تقيم عائلتها في السعودية، وهي في الأردن حيث تدرس بإحدى الجامعات الخاصة،
هي متيمة على حد تعبيرها بالممثلة الهوليودية أنجيلينا جولي ..تلك الممثلة
أيضا جسدها فيه من الأوشام الكثير..
سارة
لا ترى أي داع لمقابلتها فهي واحدة من مجموعة كبيرة من الشباب الأردني
الذي جعل جسده تحفا فنية بالتاتو.."لي صديقة زينت جسدها بشعارات وأساطير
يونانية يابانية وهندية وشخصيات خرافية على كتفيها وقدميها وأسفل ظهرها،
هي واحدة من مجموعة فتيات".
ويبدو أن التاتو الذي انتشر في الآونة
الأخيرة بين الشباب، أصبح ظاهرة بين الشباب الأردني وتحديدا بين الفئات
المترفة والتي تدفع مئات الدنانير لأجل التغيير والتعبير عن الذات.. إذا
سترى الرسومات الشيطانية والهياكل العظمية والتعاويذ الصينية واليابانية
والهندية بالإضافة إلى أسماء فرق عالمية وشعاراتها على أكتاف الشباب، بذلك
يتعدى الأمر كونه حالة غريبة أو غير مألوفة إلى موضة منتشرة بينهم.
أبو
خالد، كما هو ملقب جعل من جسده حقلا من الأوشام، هي ليست متقنة على حد
تعبيره، ولكن لا بأس فهو جعل جسده فرصة للتدريب، بذلك أصبح ماهرا في
صنعته، لينطلق بعدها نحو عالم الرسم على الأجساد آخذا مبلغا قيما هنا أو
هدايا ثمينة من هناك كبديل عن المال.
وفي العام 2002 قام
بشراء جهاز من أميركا "عن طريق أحد الأصدقاء" وتحتوي على عدة إبر بحيث
تعمل على الكهرباء ويتم وضع اليد أو أي جزء من الجسد أمام إبرها لأجل
اتخاذ الشكل المراد، وكلفت الجهاز ليس كما هو متوقع إذا يتراوح من 200 إلى
1000 دولار فقط، وفيها ما يقارب 16 لوناً.
"أحاول أن أنقل كل ما هو موجود في أميركا من رسومات إلى شبابنا، وتتم الحسبة بالساعة أو بالسنتيمتر أو بالرسمة وبحرفية رسمها".
وأبو
خالد لديه شروط للباحث عن الوشم، يعددها: "أولا أرفض أن يتم الرسم والحساب
لاحقا، لذلك أحاول أن يكون زبائني من الأثرياء، ثانيا أرفض أن أرسم
التاتو بناء على صورة يأتي بها الشاب فأنا مختص برسم التعاويذ والأساطير
لأني أهواها، ثالثا أسأل الشاب أو الفتاة عن رغبته الجدية بالوشم لأنها لن
تزول لذلك أؤكد عليه مرات عديدة هل أنت واثق من أنك تريد الوشم على جسدك".
ويصّر أبو خالد على توقيع الشاب أو الفتاة على عقد قبل
الوشم "لا أقبل هؤلاء إذا كان عمر الواحد فيهم أقل من 18 عام، وهو السن
القانوني وليكون موثقا، وخوفا من أن يأتيني ويقول لي غيرت رأيي".
"هذه
موضة" باختصار يقول أبو خالد.."هذه الموضة ليست حديثة فهي كانت منذ عصور،
ولا تزال كن تعود من محافظة على رونقها وها هم الأجانب يقبلون عليها بنهم
شديد ويكاد لا يخلو شاب أو فتاة من وشم على أجسادهم".
وعن أكثر
الرسومات التي يرسمها أبو خالد، "التعاويذ والأساطير، وأحاول رسم إلياذة
وهوميروس وصور عن الحضارة اليابانية أو شخصية الثائر الأرجنتيني أرنستو
تشي غيفارا بالإضافة إلى الأبراج الصينية".
والأساور السوداء
هي الأكثر إقبالا.. "هناك كثيرون يأتون بصور ما ويقولون لي أرسمها كما هي،
وأنا أرفض ليس لعدم مقدرتي وإنما لعدم إيماني بمدى حرفية الفنان في نقل
الصورة كما هي".
التاتو، هو طريق الشاب أو الفتاة للبحث عن
التغيير أو الجديد المختلف، ولكن هذا التغيير لا تراه الباحثة الاجتماعية
هيفاء خالد بالتغيير الحقيقي إنما طريق آخر لعدم وعيهم، تقول: "هؤلاء
الشباب لا يبحثون عن التغيير إنما هذا دليل آخر على تدني وعيه وثقافته
ويدلل على حالة فراغ يعيشها، حيث يعتقد أن الوشم هو السبيل الوحيد
للتغيير".
هؤلاء الشباب لا يعرفون تماما ماذا يريدون..كما تقول هيفاء، "هناك عنف
وأذية غير مبررة بحق أجسادهم..هي طريقتهم ليبرزوا ذاتهم فثمة دلالات جنسية
تحفر على أجسادهم ما الغاية منها؟".
كرابيد زكريان، الباحث
النفسي، يرى أن نزوع الشباب هو "رغبة في البروز والظهور. هم يهربون من
الواقع، لأجل أن يقوموا بشيء جديد في حياتهم".
أنظر إلى حالهم، "قد لا يعجبه أو يعجبها الوشم، فيذهب أو تذهب إلى المستشفى لأجل إزالته، ويكلفهم مبالغ ضخمة، ولا تفرق معهم".
ويبدو
أن هذه النزعة غير مشمول فيها جميع الشباب الأردني إذ تقتصر إلى حد ما على
بعض شباب الطبقات المترفة الباحث عن التغيير والتقليد لكل ما هو موضة عند
الغرب، وها هو التاتو التعبير البسيط عن تيار المختلف الجديد الخارج عن
مألوف المجتمع الشرقي غير المتقبل لكل ما هو جديد.